تفسير سورة الناس
(قُلْ)) يا رسول الله ((أَعُوذُ)) أي أستجير وأعتصم من الشرور ((بِرَبِّ النَّاسِ)) خالقهم ومربيهم
((مَلِكِ النَّاسِ)) فهو المالك المطلق لهم، لا ملك غيره وسائر الملوك إنما هم صوريون لا حقيقة لملوكيتهم إلا الاعتبار.
((إِلَهِ النَّاسِ)) الذي هو الههم، فليست الأصنام آلهة كما يزعم الكفار، فهو "رب" و"ملك" و"إله"، فتربية الناس منه، وسيدهم المالك لهم هو، ومعبودهم الذي لا معبود سواه هو سبحانه.
((مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ)) أي أعوذ بالله من شر الشيء الذي يوسوس للإنسان ليلقيه في الكفر والعصيان، وأصله من "الوسوسة" وهي الصوت الخفي، فإن من يريد الإغواء من إنس أو شياطين يخفى الصوت في أذن الشخص أو صدره حتى يضله ويلقيه في المعصية، ((الْخَنَّاسِ)) من "خنس" بمعنى اختفى، وذلك لأن من يريد الإضلال كثير الاختفاء، وأما الشيطان فواضح، وأما الإنسان فإنه إذا أراد الإضلال يخفي نفسه لئلا يراه أحد فيحبط وسوسته وتظهر مكيدته للناس فيزدرونه ويطردونه.
((الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ)) أما وسوسة الشيطان في الصدر فواضح، وكونه في الصدر لأن الوسوسة في القلب والقلب في الصدر، وأما وسوسة الإنسان فيه فلأنه يلقي الكلام إلى القلب من الأذن، والقلب في الصدر.
((مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ)) بيان للوسواس، أي الوسواس الذي هو من جنس الجن - أي الشياطين فإنهم قسم من الأجنة - أو من جنس الإنس، وقانا الله جميعاً من شر كل شر بمحمد وآله الطاهرين (سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين) وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.